نيتشه، حياة فلسفية: كونوا بقـــــــــــرا!
(Nietzsche)
لقد تفلسف نيتشا
بالمطرقة في مستودع الخزف الصيني للفلسفة الغربية. وبالرغم من مجال
الانهيارات، فإنه يوجد دائما متشيعون لتلك الفلسفة المهيمنة، التي تكون
الأولوية فيها للفكرة، التصور، التجريد أكثر مما تعطى لشبقية العالم. تفكر
الفلسفة المؤسساتية العالم أقل من تفكيرها في أفكار العالم، إن لها ميلا
أقل للواقع من الولع بالوثائق التي تسوق الحديث عنه ؛ وبالتالي فإن عقيدة
النص بدون سياق والتي بها ترتبط غالبية أولئك الذين يتطورون في العالم
الفلسفي الصغير.
إننا نعرف الثيمات النيتشوية:
موت الله، العدمية الأوروبية، قلب القيم، العود الأبدي، الإنسان الأعلى،
إلا أنها تكون بالأحرى الفكر الأخير لنيتشه. فقد كان ثمة وجود لذلك، غير أن
الإحالة على ذلك لم تكن بالشكل المطلوب، لنيتشه الشاب الذي اقترح نجدة
أوروبا المنحطة بواسطة الدراما الموسيقية الفاغنارية ؛ وبالفعل فإن ولادة
التراجيديا تشكل سياسة جمالية، إن لم تكن جمالية سياسية، بهدف جعل الجماهير
أرستقراطية من أجل خلق شعب أوروبي عظيم. قام نيتشه آخر بمواصلة ذات
المسعى، المؤلف الفولتيري لـ ‘إنساني، مفرط في إنسانيته’، الذي رسم صورة
للـ ‘عقل الحر’، صورة متحدرة من أبيقور (Epicure) ورغبته في غياب الكدر.
ترك نيتشه المتوسطي المكان لنيتشه الجرماني قبل نيتشه حيث سيتحول الوطن إلى
كون صحبة الإنسان الأعلى (Le surhomme) إلى صورة رمزية.
تناقضات ! يقول الساخطون. لكن هل
ثمة تناقض بين ثمرة البلوط وشجرة البلوط التي تصدر عنها؟ فقد دافع غوته
(Goethe)عن نظرية لتطور النباتات التي ترجع جيدا تحولاتها لنفس القوة في
تفرعاتها المختلفة والمتعددة، تتغذى جميعها على ذات النسغ. فإذا كان نيتشه
قد وضع نظرية لديالكتيك شعري أعلن عن تحول الجمل إلى أسد والأسد إلى طفل،
فلكي يشير، إلى أنه في حياة ما، ثمة زمن لحمل أثقال المثال الزهدي (ideal
ascetique)، وآخر لابتكار الذات كحرية و [ زمن ] أخير من أجل براءة
الصيرورة. تطابق تلك المسافة الأوطوبيوغرافية الزمن الفاغنيري، [ تطابق ]
الزمن الأبيقوري والزمن النيتشوي للفيلسوف.